✍️ *أحمد الشرع يضع حكمت الهجري في مأزق: تصعيد سياسي يهدد التوازن الداخلي*
في تطور سياسي لافت، دخل الرئيس السوري أحمد الشرع في مواجهة غير مباشرة مع الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز، بعد سلسلة من الأحداث
والتصريحات التي كشفت عن تصدع في العلاقة بين الإدارة السورية الجديدة والطائفة الدرزية. هذا التوتر يعكس أزمة أعمق تتعلق بمستقبل التوازن الطائفي والسياسي في سوريا، ويضع الشيخ الهجري في مأزق حقيقي بين الحفاظ على استقلالية موقفه، وبين ضغوط السلطة المركزية.
*🏛️ خلفية الأزمة*
بدأت الأزمة عندما طرحت الإدارة السورية الانتقالية بقيادة أحمد الشرع إعلانًا دستوريًا جديدًا، اعتبره كثيرون محاولة لإعادة إنتاج السلطة المطلقة تحت غطاء شرعي جديد. الإعلان منح صلاحيات واسعة للرئيس، وقلّص دور المؤسسات التشريعية، مما أثار حفيظة الأقليات، وعلى رأسها الطائفة الدرزية.
الشيخ حكمت الهجري، المعروف بمواقفه المتزنة، رفض الإعلان الدستوري علنًا، واعتبره تأسيسًا لديكتاتورية جديدة، لا تختلف كثيرًا عن النظام السابق. وطالب بإعادة صياغة الدستور بما يضمن استقلالية السلطات، واحترام الخصوصية الثقافية والدينية للطوائف السورية، وهو ما اعتُبر تحديًا مباشرًا لسلطة الشرع.
*⚖️ مأزق الشيخ الهجري*
رد فعل الشرع لم يكن مباشرًا، لكنه جاء عبر خطوات سياسية مدروسة، وضعت الشيخ الهجري في موقف حرج. فقد تم توقيع مذكرة تفاهم بين دمشق والسويداء، بمشاركة وجهاء من المحافظة، دون توقيع الشيخ الهجري، الذي لم يعترض علنًا، لكنه ظهر لاحقًا في تسجيل مصور يؤكد رفضه لأي توافق مع السلطات في دمشق، واصفًا الحكومة الحالية بأنها "متطرفة ومطلوبة للعدالة الدولية".
هذا التناقض بين موقفه الرسمي وموقفه الشعبي أثار تساؤلات داخل الطائفة الدرزية، وفتح الباب أمام انتقادات من بعض وجهاء السويداء الذين اعتبروا أن الشيخ الهجري لم يكن حازمًا بما يكفي في مواجهة السلطة، مما أضعف موقف الطائفة في المفاوضات السياسية.
*🧭 استراتيجية الشرع*
أحمد الشرع، الذي يسعى لترسيخ سلطته في مرحلة انتقالية حساسة، استخدم أدوات متعددة للضغط على الهجري دون الدخول في مواجهة مباشرة. فقد كثّف لقاءاته مع وجهاء السويداء، وبدأ بتنفيذ مشاريع تنموية في المحافظة، مما جذب بعض القيادات المحلية بعيدًا عن المرجعية الدينية التقليدية.
كما أطلق تصريحات إعلامية تؤكد على "وحدة الشعب السوري"، ورفض "الانقسامات الطائفية"، في محاولة لتأطير موقف الهجري على أنه خروج عن الإجماع الوطني. هذه الاستراتيجية وضعت الشيخ في زاوية حرجة، إذ بات مطالبًا بالحفاظ على موقفه الرافض دون أن يُتهم بالتحريض أو الانفصال.
*🗣️ ردود فعل داخل الطائفة*
الطائفة الدرزية، التي لطالما اتسمت بالحذر السياسي، وجدت نفسها أمام خيارين: إما الاصطفاف خلف الشيخ الهجري ومواجهة السلطة، أو القبول بالتفاهمات الجديدة التي تضمن مصالح آنية لكنها تهدد استقلالية القرار الدرزي. هذا الانقسام بدأ يطفو على السطح، خاصة بعد مظاهرات محدودة في السويداء رفضًا للإعلان الدستوري، قابلها صمت من بعض القيادات التقليدية.
كما أن بعض الشخصيات الدرزية بدأت تطرح تساؤلات حول جدوى استمرار القيادة الروحية في لعب دور سياسي، في ظل تغير المعادلات الداخلية والخارجية، مما يضع الهجري أمام تحدي إعادة تعريف دوره في المرحلة المقبلة.
*🔮 مستقبل العلاقة بين الشرع والهجري*
المأزق الذي يعيشه الشيخ حكمت الهجري لا يتعلق فقط بالخلاف مع أحمد الشرع، بل هو انعكاس لأزمة أعمق في بنية الحكم السوري الجديد. فالإدارة الانتقالية، رغم وعودها بالديمقراطية، تبدو غير مستعدة لتقاسم السلطة فعليًا مع الأطراف المحلية، مما يهدد بإعادة إنتاج المركزية السياسية التي ثار السوريون ضدها.
في المقابل، فإن استمرار الهجري في رفض الإعلان الدستوري قد يؤدي إلى عزله سياسيًا، أو تهميش دوره داخل الطائفة، خاصة إذا نجح الشرع في بناء تحالفات محلية بديلة. هذا السيناريو يضع مستقبل الطائفة الدرزية على المحك، ويجعل من العلاقة بين الشرع والهجري اختبارًا حقيقيًا لمصداقية المشروع السياسي الجديد في سوريا.
في النهاية، تبقى قدرة الشيخ الهجري على المناورة السياسية، وتمسكه بمبادئه، العامل الحاسم في تحديد مسار هذه الأزمة. أما أحمد الشرع، فهو يواصل بناء سلطته، مدفوعًا برغبة في السيطرة، ومواجهة أي صوت معارض، حتى لو كان يحمل عباءة دينية.
تعليقات
إرسال تعليق