القائمة الرئيسية

الصفحات

أنس خطاب في إدلب: كرامة السجناء أولاً... والسجن ليس إذلالاً*

*

*أنس خطاب في إدلب: كرامة السجناء أولاً... والسجن ليس إذلالاً*


---


في مشهد يعكس تحولاً في الخطاب الرسمي تجاه ملف السجون، أجرى وزير الداخلية السوري، اللواء أنس خطاب، جولة تفقدية شملت عدداً من السجون في محافظة إدلب، برفقة 



كبار القادة الأمنيين، من بينهم العميد غسان باكير قائد الأمن الداخلي في المحافظة، والعميد زياد أبو راس مدير إدارة السجون. الجولة جاءت في إطار متابعة أوضاع النزلاء ميدانياً، والاستماع إلى شكاواهم، وتقييم الظروف المعيشية داخل هذه المنشآت الحساسة.


الوزير خطاب، الذي بدا حريصاً على التواصل المباشر مع السجناء، أكد خلال جولته أن "السجن وسيلة لتقييد الحرية وليس للمساس بالكرامة الإنسانية"، في تصريح لافت يعكس


 توجهاً جديداً في إدارة ملف السجون، يقوم على احترام الحقوق الأساسية للنزلاء، وتحسين ظروف احتجازهم بما يتماشى مع المعايير الإنسانية والدستورية.


الجولة شملت لقاءات مباشرة مع عدد من السجناء والسجينات، حيث استمع الوزير إلى شكاوى تتعلق بالخدمات الصحية، نوعية الطعام، ظروف التهوية، وتوفر الأنشطة التأهيلية. وقد وعد الوزير بدراسة هذه المطالب بشكل



 عاجل، مؤكداً أن الوزارة بصدد إطلاق خطة تطوير شاملة تشمل البنية التحتية للسجون، وتحديث أنظمة الرقابة، وتدريب الكوادر العاملة على التعامل المهني والإنساني مع النزلاء.


اللافت في هذه الجولة أنها جاءت في وقت تشهد فيه إدلب تحولات أمنية وإدارية، بعد تفكيك عدد من الخلايا المسلحة، وتراجع نشاط التنظيمات المتطرفة. وقد أشار الوزير إلى أن



 السجون تضم نزلاء من خلفيات متعددة، بينهم متورطون في تجارة وترويج المخدرات، وأفراد من خلايا تنظيم "داعش"، إلى جانب سجناء بتهم جنائية أو من المناهضين لسلطات الأمر الواقع سابقاً.


هذا التنوع في الخلفيات يفرض تحديات كبيرة على إدارة السجون، من حيث التصنيف، والتأهيل، والتعامل مع الحالات الخاصة. وقد شدد الوزير خطاب على أن الوزارة لا تميز بين النزلاء، وأن الجميع يخضع لنفس المعايير القانونية والإنسانية، مشيراً إلى أن العدالة تبدأ من احترام حقوق الإنسان داخل السجن، وليس فقط في قاعات المحاكم.


الجولة التفقدية لم تكن مجرد زيارة رمزية، بل حملت رسائل واضحة إلى الداخل والخارج، مفادها أن الدولة السورية الجديدة تسعى إلى بناء مؤسسات أمنية قائمة على القانون، لا على الانتقام أو الإذلال. وقد حرص الوزير على التأكيد أن "الكرامة الإنسانية خط أحمر"، وأن أي تجاوزات فردية سيتم التعامل معها بحزم، في إطار منظومة رقابة داخلية صارمة.



من جهة أخرى، أبدى عدد من النزلاء ارتياحهم لزيارة الوزير، معتبرين أنها خطوة إيجابية تعكس اهتمام الدولة بأوضاعهم، وتفتح الباب أمام تحسين ظروفهم، وربما إعادة النظر في بعض الملفات القانونية العالقة. كما عبّر عدد من ذوي السجناء عن أملهم في أن تكون هذه الزيارة بداية لمرحلة جديدة من العدالة التصحيحية، التي توازن بين العقوبة والإصلاح.


الوزير خطاب أشار أيضاً إلى أن الوزارة تعمل على تطوير برامج تأهيلية داخل السجون، تشمل التعليم المهني، الدعم النفسي، والتدريب على مهارات الحياة، بهدف إعادة دمج النزلاء في المجتمع بعد انتهاء فترة العقوبة. كما أكد أن الوزارة ستفتح باب التعاون مع منظمات المجتمع المدني، والجهات الحقوقية، لمراقبة أداء السجون، وضمان الشفافية في التعامل مع النزلاء.


في السياق ذاته، أشار العميد زياد أبو راس إلى أن إدارة السجون بدأت بالفعل بتنفيذ خطة لتحسين البنية التحتية، تشمل توسعة بعض المرافق، وتحديث أنظمة التهوية، وتوفير وحدات صحية أكثر كفاءة. كما يجري العمل على تطوير قاعدة بيانات إلكترونية للنزلاء، تتيح متابعة دقيقة لحالاتهم القانونية والصحية.


الجولة التفقدية لوزير الداخلية في سجون إدلب تمثل نقطة تحول في طريقة تعامل الدولة مع ملف السجون، وتؤكد أن المرحلة المقبلة ستشهد إصلاحات حقيقية، تستند إلى احترام القانون، والكرامة، والعدالة. وبينما تبقى التحديات كبيرة، فإن هذه الخطوة تعكس إرادة سياسية واضحة لإعادة بناء الثقة بين المواطن والمؤسسة الأمنية، على أسس جديدة تضع الإنسان في قلب المعادلة.


وفي بلد أنهكته سنوات من الصراع، فإن إعادة الاعتبار لكرامة السجين ليست مجرد إجراء إداري، بل رسالة بأن سوريا الجديدة تسعى إلى طي صفحة الماضي، وبناء مستقبل أكثر عدالة وإنصافاً، يبدأ من خلف القضبان، ولا ينتهي عندها.

أنت الان في اول موضوع

تعليقات

close
التنقل السريع