في خطوة وصفت بأنها تاريخية ومبشّرة، أعلنت الحكومة السورية عن سلسلة من الإجراءات الجديدة تهدف إلى معالجة ملف
السجناء السوريين الموقوفين في لبنان، في إطار رؤية وطنية شاملة تسعى إلى تصحيح المسارات القانونية والإنسانية التي طالت آلاف السوريين خلال سنوات النزوح والاضطراب.
🔹 تشكيل لجنة وطنية لحسم مصير الموقوفين
أبرز ما جاء في إعلان الحكومة هو تشكيل لجنة مختصة لبحث ملفات ما يقارب 2000 سجين سوري محتجزين في السجون ا
للبنانية. هذه اللجنة، التي تضم ممثلين عن وزارات العدل والخارجية والداخلية، ستتولى دراسة كل حالة على حدة، مع التركيز على التحقق من قانونية التوقيف وظروفه، وتحديد ما إذا كان السجين قد أوقف بناءً على أدلة جنائية واضحة أو بشكل عشوائي.
🔹 معايير الإفراج: العدالة أولاً
اللجنة ستعتمد على مبدأ "لا عقوبة بلا إدانة"، حيث سيتم إطلاق سراح أي سوري لم تثبت عليه أي تهمة جنائية، أو تم توقيفه
دون محاكمة عادلة. كما ستشمل المراجعة حالات التوقيف العشوائي التي تمت في ظل ظروف أمنية استثنائية، دون وجود ملفات قضائية واضحة أو أدلة دامغة.
🔹 تصفير السجون اللبنانية من غير المتورطين
الحكومة السورية أعلنت أن هدفها النهائي هو "تصفير" السجون اللبنانية من أي سوري غير متورط في جرائم، وذلك من
خلال التنسيق القضائي والدبلوماسي مع السلطات اللبنانية. هذا التوجه يأتي في سياق تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وطي صفحة الانتهاكات التي طالت السوريين خلال فترة النزوح.
🔹 الدفاع القانوني عن جميع الموقوفين
ضمن الإجراءات التالية، ستتولى الحكومة السورية توفير الدعم القانوني الكامل لكل سجين سوري، عبر فرق من المحامين المتخصصين في القانون الدولي وحقوق الإنسان. كما سيتم تفعيل الاتفاقيات القضائية الثنائية بين سوريا ولبنان لتسهيل عمليات التسليم أو الإفراج، وضمان عدم تكرار حالات التوقيف غير المبرر.
🔹 قضية النازحين السوريين على الطاولة
إلى جانب ملف السجناء، ستبحث اللجنة أيضاً في قضية النازحين السوريين في لبنان، بهدف وضع خطة متكاملة لعودتهم الطوعية والآمنة إلى سوريا، مع توفير الضمانات القانونية والمعيشية اللازمة. ويأتي هذا التوجه ضمن رؤية الرئيس السوري أحمد الشرع الذي أكد في أكثر من مناسبة أن "كرامة المواطن السوري تبدأ من حريته، وتنتهي في وطنه".
🔹 ردود فعل شعبية واسعة
الخبر لاقى ترحيباً واسعاً في الأوساط الشعبية السورية، خاصة بين أهالي المعتقلين الذين عبّروا عن أملهم في أن تكون هذه الخطوة بداية حقيقية لإنهاء معاناة أبنائهم. كما اعتبر ناشطون حقوقيون أن هذه المبادرة تمثل تحولاً نوعياً في تعامل الحكومة السورية مع ملف حقوق الإنسان، وتفتح الباب أمام إصلاحات أوسع تشمل ملفات المفقودين والمخفيين قسرياً.
🔹 تحديات التنفيذ
رغم التفاؤل، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه تنفيذ هذه القرارات، أبرزها التنسيق القضائي بين البلدين، وتحديد المعايير الدقيقة لفرز الحالات، إضافة إلى ضرورة ضمان عدم تعرض المفرج عنهم لأي مضايقات لاحقة. إلا أن الحكومة السورية أكدت أنها ملتزمة بالشفافية، وستصدر تقارير دورية عن تقدم عمل اللجنة.
في النهاية، تبقى هذه الخطوة واحدة من أبرز المبادرات التي أطلقتها الحكومة السورية في مرحلة ما بعد التغيير السياسي، وهي تعكس رغبة حقيقية في إعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة، وتأكيد أن العدالة ليست مجرد شعار، بل مسار يجب أن يُترجم إلى أفعال.
تعليقات
إرسال تعليق