في الأيام الأخيرة، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو يُظهر لقاءً بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، ما أثار موجة غضب واسعة بين السوريين في الداخل والخارج. الفيديو، الذي
نُسب إلى الكرملين، بدا وكأنه يوثق لقاءً حديثًا بين الطرفين، مما دفع كثيرين للتساؤل عن وضعية الأسد الحالية، وما إذا كانت موسكو لا تزال تعترف به رئيسًا لسوريا، رغم الإطاحة به رسميًا في ديسمبر 2024.
*🎥 انتشار الفيديو: صدمة وتضليل*
المقطع انتشر بسرعة مذهلة عبر منصات مثل فيسبوك وتويتر، وتفاعل معه مئات الآلاف من المستخدمين. التعليقات تراوحت بين الغضب والسخرية، وبين من اعتبره محاولة روسية لإعادة الأسد إلى المشهد السياسي، ومن رأى فيه مجرد تذكير بماضٍ مؤلم. البعض تساءل: هل عاد الأسد إلى السلطة؟ هل روسيا تتحدى الإرادة الشعبية السورية؟ هل هناك صفقة خفية تُطبخ في الكواليس؟
لكن الحقيقة، كما كشفتها جهات تدقيق المعلومات، كانت مختلفة تمامًا. الفيديو *حقيقي* بالفعل، لكنه *قديم* ، ويعود إلى *25 يوليو 2024* ، أي قبل أشهر من سقوط نظام الأسد⁽¹⁾⁽²⁾. اللقاء تم خلال زيارة رسمية أجراها الأسد إلى موسكو، حيث استقبله بوتين في قصر الكرملين، وناقشا العلاقات الثنائية بين البلدين، إضافة إلى التطورات الإقليمية⁽²⁾.
*🕰️ التوقيت المضلل: لماذا الآن؟*
السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا عاد هذا الفيديو للظهور الآن؟ وهل هناك جهة تقف خلف إعادة نشره؟ بعض المحللين يرون أن توقيت نشر الفيديو ليس بريئًا، بل يأتي في سياق محاولات لإرباك المشهد السياسي السوري، خاصة بعد بدء المرحلة الانتقالية بقيادة الرئيس الجديد أحمد الشرع. إعادة بث مشاهد تجمع الأسد ببوتين قد توحي بوجود دعم روسي مستمر له، أو محاولة لإعادة تأهيله سياسيًا، وهو ما تنفيه موسكو رسميًا حتى الآن.
من جهة أخرى، يرى البعض أن الفيديو أعيد نشره من قبل مؤيدين للأسد، في محاولة لإثبات أنه لا يزال يحظى باعتراف دولي، أو على الأقل دعم من حليف قوي مثل روسيا. هذا النوع من التضليل الإعلامي ليس جديدًا، وقد استخدم سابقًا في مراحل مختلفة من الأزمة السورية.
*🇷🇺 الموقف الروسي: دعم أم حياد؟*
منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، كانت روسيا الحليف الأبرز لنظام الأسد، وقدمت له دعمًا عسكريًا وسياسيًا مكّن النظام من الصمود لسنوات. لكن بعد الإطاحة به في ديسمبر 2024، تغيرت المعادلة. التقارير تشير إلى أن الأسد لجأ إلى موسكو، حيث يقيم في أحد الأبراج الفاخرة المطلة على الساحة الحمراء⁽²⁾، لكن ظهوره الإعلامي ظل محدودًا، بناءً على شروط فرضتها السلطات الروسية.
الكرملين لم يصدر أي بيان رسمي بشأن الفيديو الأخير، ولم يؤكد أو ينفي وجود لقاء جديد بين بوتين والأسد. لكن مصادر إعلامية روسية أكدت أن اللقاء الذي ظهر في الفيديو يعود إلى زيارة رسمية سابقة، ولا علاقة له بالوضع الحالي للأسد⁽¹⁾⁽³⁾.
*🧠 ردود الفعل السورية: غضب واستنكار*
السوريون عبّروا عن غضبهم من تداول الفيديو، معتبرين أنه محاولة لإعادة إنتاج صورة مرفوضة شعبياً. كثيرون رأوا في المقطع استفزازًا لمشاعر ملايين السوريين الذين فقدوا أحباءهم في الحرب، أو اضطروا للنزوح واللجوء بسبب سياسات النظام السابق.
الناشطون على مواقع التواصل أطلقوا وسومًا مثل #بشار_الأسد و#الكرملين، مطالبين بتوضيح رسمي من روسيا حول موقفها من الأسد، ومؤكدين أن الشعب السوري لن يقبل بعودته إلى المشهد السياسي بأي شكل من الأشكال.
*📺 شائعات عن مقابلة تلفزيونية*
إلى جانب الفيديو، انتشرت شائعات عن مقابلة تلفزيونية مرتقبة للأسد، يُقال إنها صُوّرت في استوديوهات قناة "روسيا اليوم"، وتنتظر موافقة السلطات الروسية للبث. هذه الشائعات زادت من حالة التوتر، خاصة أن الأسد لم يظهر إعلاميًا منذ سقوط نظامه، ما جعل أي خبر عن ظهوره مثيرًا للجدل⁽²⁾.
لكن حتى الآن، لا توجد تأكيدات رسمية حول هذه المقابلة، ولا حول نية روسيا إعادة الأسد إلى الواجهة. ويبدو أن السلطات الروسية تفضل إبقاء الأسد في الظل، بعيدًا عن الأضواء، كجزء من تفاهمات سياسية مع القيادة السورية الجديدة.
*🔍 أهمية التحقق من المعلومات*
ما حدث مع هذا الفيديو يسلط الضوء على أهمية التحقق من المعلومات قبل تداولها. في عصر السرعة الرقمية، يمكن لمقطع قديم أن يُحدث ضجة كبيرة إذا تم تقديمه في سياق مضلل. لذلك، من الضروري أن يكون لدى المستخدمين وعي إعلامي، وأن يلجؤوا إلى مصادر موثوقة قبل تصديق أي محتوى.
العديد من الجهات الإعلامية المستقلة، مثل "مسبار" و"المصري اليوم"، قامت بتحليل الفيديو وتأكيد أنه يعود إلى عام 2024، وليس حديثًا⁽¹⁾⁽²⁾⁽³⁾. هذا النوع من التدقيق ضروري لحماية الرأي العام من التضليل، ولضمان أن تبقى الحقيقة واضحة وسط الضجيج.
*✨ ختامًا*
تعليقات
إرسال تعليق