القائمة الرئيسية

الصفحات

 هذا اللقاء يعكس أيضاً رغبة دمشق في الانفتاح على محيطها الإقليمي، واستعدادها للانخراط في حوارات بناءة مع الدول التي كانت على خلاف معها، في سبيل تحقيق الاستقرار الداخلي، وتعزيز مكانتها في الساحة الدولية. كما يعكس إدراكاً متزايداً لدى أنقرة بأهمية التعاون مع دمشق لمواجهة التحديات الأمنية، وعلى رأسها ملف اللاجئين، ومكافحة الإرهاب، وضمان أمن الحدود.



في النهاية، يمكن القول إن لقاء الشيباني وفيدان في جدة لم يكن مجرد حدث دبلوماسي عابر، بل خطوة استراتيجية في مسار إعادة تشكيل العلاقات الإقليمية، وسط أزمات متشابكة تتطلب تنسيقاً عالياً، ورؤية مشتركة، وتحركاً جماعياً يضع مصلحة الشعوب في مقدمة الأولويات.

وزير الخارجية السوري "أسعد الشيباني" يلتقي نظيره التركي "هاكان فيدان" على هامش الاجتماع الوزاري الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي، المقام في مدينة جدة.

هذا اللقاء يعكس أيضاً رغبة دمشق في الانفتاح على محيطها الإقليمي، واستعدادها للانخراط في حوارات بناءة مع الدول التي كانت على خلاف معها، في سبيل تحقيق الاستقرار الداخلي، وتعزيز مكانتها في الساحة الدولية. كما يعكس إدراكاً متزايداً لدى أنقرة بأهمية التعاون مع دمشق لمواجهة التحديات الأمنية، وعلى رأسها ملف اللاجئين، ومكافحة الإرهاب، وضمان أمن الحدود.


في النهاية، يمكن القول إن لقاء الشيباني وفيدان في جدة لم يكن مجرد حدث دبلوماسي عابر، بل خطوة استراتيجية في مسار إعادة تشكيل العلاقات الإقليمية، وسط أزمات متشابكة تتطلب تنسيقاً عالياً، ورؤية مشتركة، وتحركاً جماعياً يضع مصلحة الشعوب في مقدمة الأولويات.

في مشهد دبلوماسي يعكس تحولات متسارعة في العلاقات الإقليمية، التقى وزير الخارجية السوري، أسعد حسن الشيباني، نظيره التركي هاكان فيدان، على هامش الاجتماع الوزاري الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي، الذي انعقد في مدينة جدة السعودية بتاريخ 25 أغسطس 2025. هذا اللقاء يأتي في سياق إقليمي بالغ الحساسية، حيث تتقاطع فيه الملفات السياسية والأمنية والإنسانية، وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، والتحديات التي تواجه سوريا داخلياً وخارجياً.


الاجتماع الوزاري الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي، الذي دعت إليه المملكة العربية السعودية، جاء استجابة لتصاعد وتيرة العنف في غزة، وما وصفه وزراء الخارجية بـ"الإبادة الجماعية" التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. وقد شارك في الاجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة، وكان من أبرز الحاضرين وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الذي ترأس الدورة الاستثنائية، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الذي وصل إلى جدة عشية انعقاد الاجتماع.


اللقاء بين الشيباني وفيدان لم يكن مجرد لقاء بروتوكولي، بل حمل في طياته دلالات سياسية عميقة، خاصة في ظل التوترات التي شهدتها العلاقات السورية التركية خلال السنوات الماضية. وقد ناقش الوزيران تطورات الأوضاع في سوريا والمنطقة، وسبل تعزيز التعاون السياسي والتنسيق الأمني بين البلدين. كما تطرق الحديث إلى ملف اللاجئين السوريين، حيث أعرب الشيباني عن ترحيب دمشق بالعودة التدريجية للمهجرين السوريين إلى بلداتهم، في إطار جهود إعادة الاستقرار إلى البلاد.


في كلمته خلال الاجتماع الوزاري، شدد الشيباني على أن الاحتلال الإسرائيلي ينتهك اتفاقية فصل القوات لعام 1974، وقرارات مجلس الأمن، ومبادئ احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، من خلال إنشاء مراكز استخباراتية ونقاط عسكرية داخل مناطق محرمة في الجولان السوري المحتل. وأكد أن هذه الانتهاكات تهدف إلى تمزيق النسيج الوطني السوري، وإحياء الفتن الطائفية، وتحويل الجولان إلى قاعدة لابتلاع المزيد من الأراضي، مشدداً على أن سوريا ستبقى عصية على التقسيم.


كما دعا الشيباني الأمم المتحدة وبعثة قوات "الأندوف" إلى تحمل مسؤولياتها كاملة في توثيق ووقف التوغلات والانتهاكات الإسرائيلية، مطالباً بموقف عربي وإسلامي موحد وصادق وجريء لمواجهة الحرب المدمرة على غزة، ورفع الحصار، ودعم سوريا في المحافل الدولية، ورفض أي محاولة لشرعنة الاحتلال أو تكريس واقع مفروض بالقوة على حساب السيادة السورية.


من جانبه، ألقى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان كلمة افتتاحية قوية، دعا فيها إلى تحرك جماعي للدول الإسلامية لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وإبقاء الاحتلال تحت ضغط قوي ومنسق من أجل التوصل إلى حل دائم في فلسطين. وأكد أن ما يجري في غزة ليس كارثة طبيعية، بل نتيجة متعمدة لمنع إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية، مشيراً إلى أن الحكومة الإسرائيلية لا تسعى إلى السلام، بل إلى محو الشعب الفلسطيني من أرضه بالكامل.


اللقاء بين الشيباني وفيدان يأتي أيضاً في ظل جهود إقليمية لإعادة ترتيب العلاقات بين سوريا وعدد من الدول العربية والإسلامية، بعد سنوات من القطيعة والتوتر. وقد سبق هذا اللقاء تصريحات من الشيباني خلال مؤتمر صحفي مشترك مع فيدان في أنقرة، أكد فيها أن الحكومة السورية لديها تواصل مع شيوخ العقل والنخب بمحافظة السويداء لتجاوز الأزمة التي شهدتها المحافظة مؤخراً، والتي وصفها بأنها محاولة إسرائيلية لبث الفتنة الطائفية في البلاد.


وأكد الشيباني أن السويداء جزء أصيل من سوريا، وأن أبناءها جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي للشعب السوري، مشدداً على أن الدولة السورية ملتزمة بمحاسبة جميع مرتكبي الانتهاكات، وأنها الضامن الوحيد لحماية جميع مواطنيها. كما شدد على ضرورة تغليب لغة الحكمة لتجاوز المحن الداخلية، في ظل تحديات خارجية لا تقل خطورة، وعلى رأسها التدخلات الإسرائيلية التي تهدد استقرار البلاد والمنطقة برمتها.


الاجتماع الوزاري الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي شهد أيضاً مشاركة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، الذي أشار في كلمته إلى أن الشعب الفلسطيني يتعرض لأفظع صور القتل والتجويع، محذراً من أن التحرك لاحتلال غزة ينتهك القانون الدولي ومرفوض تماماً. وأكد أن المملكة عازمة على مواجهة هذا التهديد، وستواصل حشد الدعم لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.


في ختام الاجتماع، اتفق الوزراء على ضرورة اتخاذ خطوات عملية لوقف العدوان الإسرائيلي، وتقديم الدعم الإنساني العاجل لغزة، والعمل على توحيد الموقف الإسلامي في المحافل الدولية. وقد شكل اللقاء بين الشيباني وفيدان نقطة تحول مهمة في العلاقات السورية التركية، وفتح الباب أمام مزيد من التنسيق السياسي والأمني، في ظل التحديات المشتركة التي تواجه البلدين والمنطقة بأسرها.

تعليقات

close
التنقل السريع